My Account Sign Out
My Account
special_child_hero

الطفل غير العادي

هل تتوافق المحبة مع إجهاض الطفل المعاق؟

بقلم يوهان كريستوف آرنولد Johann Christoph Arnold

20 أغسطس. 2022

اللغات المتوفرة: español ، 한국어 ، English

3 تعليقات
3 تعليقات
3 تعليقات
    أرسل
  • النجار نعيمة

    هذا الموقع اثار اعجاب مما جعلني اترسل معكم لاكتساب المعرفة و المعلومات على مرحلة حاسمة يمر فيها كل واحد منا وهي مرحلة الطفولة

  • nancy

    مقال اكثر من رائع وكتيب جيل اهم شئ يوجد به التواضع والمحبه يارب امنحنا قلب مثل ذلك القلب والتواضع وان نعرف مشيئتك حسب غناك فى المجد امين

  • رفعت وليم

    مقال جميل وعملى ليته يجد قلوب حساسة تستقبله

يَدِي صَنَعَتْ هَذِهِ الأشياءَ كُلَّها، وَلِذَلِكَ هِيَ وُجِدْتْ، يَقُولُ اللهُ. (إشعيا 66: 2)

قال يسوع المسيح: «مَنْ أرادَ أنْ يَتبَعَني، فلْيُنكِرْ نَفسَهُ ويَحمِلْ صليبَهُ ويَتبَعْني.» (مرقس 8: 34). فهذه الكلمات لم تكن موجهة إلى الناس الذين كانوا في زمانه فحسب بل أيضا إلينا اليوم. وكل فرد منا يشتاق إلى أن يتبع السيد المسيح يجب عليه أن يكون مستعدا لحمل العبء الملقى علينا من قبل الله.

ولما كان الصليب الذي يحمله الناس يختلف من شخص لآخر، فترانا نميل إلى النظر إلى صلبان الآخرين ونقارن نصيبنا مع نصيبهم. فنقول في نفسنا عن هذا وعن ذاك، يا له من شخص رياضي أو وسيم أو له طلاقة لسان أو موهوب، ونتساءل فيما إذا كان لديهم بالأساس صليب يحملونه. وبالتالي يجعلنا الحسد غير قنوعين.

من الواضح أن كل رجل وامرأة وطفل لديه عبء يحمله. وكان حتى القديس بولس الرسول لديه «شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ». وسأل الله ليزيلها، لكن أجابه الله:

تكفيكَ نِعمَتي. في الضُّعفِ يَظهَرُ كَمالُ قُدرَتي. (2 كورنثوس 12: 9)

فلو قبلنا هذه النعمة لتمكنا من تحمُّل أثقل حمل في الوجود. ويمكن له أن يصبح حتى مصدر بركة علينا بالرغم من أن هذا الكلام يبدو غريبا.

وفي يومنا الحالي الذي تتوفر فيه الفحوصات الطبية المتطورة لحالات الحمل قبل الولادة، فغالبا ما يجري اكتشاف الحالات غير الطبيعية لدى الجنين في مراحل مبكرة من فترة الحمل. ويفيد ذلك أحيانا في إنقاذ الحياة وذلك عن طريق إجراء عملية جراحية في الرحم أو عن طريق العلاج الطبيعي. لكن في الكثير من الحالات - إن لم يكن في معظمها - نرى أن الأطباء ينصحون بعد تلك الفحوصات بالقيام بالإجهاض.

وحجتهم هي أن إجهاض الطفل غير الطبيعي هو أفضل حلّ لمصلحة الطفل والوالدين، ويشيرون إلى أن ولادة طفل كهذا هو ليس عمل غير عادل فحسب بل أيضا غير مسؤول، لأن الطفل سيلقي عبئا على المجتمع.

لكن الإجهاض هو دائما عمل باطل. لأن الله سبحانه تعالى لديه مغزى في فكره لكل شخص - لكل كائن صغير يُحبل به. لذلك فإن كل طفل صغير يحمل رسالة معينة من الله مهما كانت حياته قصيرة، ومهما كانت درجة تحملنا له صعبة. بالإضافة إلى أنه يصعب على كل منا التكهن بماهية هذه الرسالة على نحو أكيد. لكن على الرغم من ذلك فإن الرسالة موجودة، لو مجرد نفتح قلوبنا لها.

وقد تنبهنا أنا وزوجتي على هذه الحقيقة عندما رُزِقت ابنتنا بطفلة خامسة في عام 2008م. فقد وُلِدت الطفلة ستيفاني Stephanie وهي مصابة بمرض يدعى متلازمة باتو أو تثلث الصبغي 13 وبالإنكليزية يدعى: Trisomy 13 (وأعراضه تشوهات جسمية ولا يمكن الشفاء منه). وقد تشوه وجهها الصغير بحلق مشقوق. ولم تعِش سوى شهر واحد، لكننا سرعان ما أحببناها خلال ذلك الشهر، وسرعان ما رأينا فيها جمالا أسمى بكثير من الكمال الجسدي: إنه سلام الله السامي الذي كانت تشعّه إلى جميع الذين كانوا حول مهدها. ولما وافاها أجلها، بكينا وبكينا، بالرغم من أننا كنا نعلم بأنها سوف لن تعيش، إلا أنها كانت بمثابة ملاك في وسطنا، وجلبت لنا رسالة سماوية تعدت الوصف.

عندما يكتشف الوالدان أن مولودهما الجديد معاق فإن ذلك طبعا يُعتبر أمر مقلق للغاية. وغالبا ما يلوم الآباء أنفسهم، أو يتساءلون عن السيئة التي يمكن أن يكونوا قد اقترفوها ليستحقوا عاقبة كهذه. وبالرغم من أن هذه الأفكار تبدو لنا طبيعية، إلا أننا يجب أن لا نفسح لها أي مجال. وإنما بالأحرى ينبغي علينا أن نسعى إلى رؤية الموقف من زاوية أعمق وأسمى - كبركة تحل علينا التي تقرّب بعضنا إلى بعض وتقربنا أكثر إلى الله تعالى.

عندما التقى يسوع وتلاميذه مع رجل أعمى منذ مولده، سأله تلاميذه:

يا مُعَلِّمُ، مَنْ أخطأَ؟ أهذا الرَّجُلُ أم والداهُ، حتى وُلِدَ أعمى؟ فأجابَ يَسوعُ: لا هذا الرَّجُلُ أخطَأَ ولا والداهُ. ولكنَّهُ وُلِدَ أعمى حتّى تَظهَرَ قُدرةُ اللهِ وهيَ تَعمَلُ فيهِ. (يوحنا 9: 1-3)

وهذه الحالة تنطبق بالتأكيد مع ستيفاني. فتشوهها الجسدي جاءنا من عند الله ليكشف عن أعماله الجبارة. والتحدي الذي أمامنا هو فيما إذا نقبل مثل هذه الكشوفات الإلهية أو لا نقبل، وفيما إذا نرحب بها أو لا نرحب.

ولا يرى الكثير من الآباء أن أطفالهم المعاقين هم عطية إلهية. فكثيرا ما نراهم إما غير صبورين وحتى غير متسامحين أو نرى قسما منهم من الناحية الأخرى مفرطين في العناية بهم. ففي نظرهم، أن الطفل المعاق يدنّس كرامة الأسرة. ويعتبرونه خيبة أمل ويشعرون بالخزي والعار. أما الجيران والأقارب والأصدقاء فتراهم يزيدون الطين بلّة من خلال الكلام غير الحساس الذي يقولونه، وهكذا يفعل قسم من الأطباء والأخصائيين بالعلاج الطبيعي عندما يقترحون على الأهل بأنه من المستحسن أن ينتقل الطفل من المدرسة ليداوم في مؤسسة تربوية.

كم ستختلف الأمور لو كانت نظرتنا إلى الأطفال المعاقين على أنهم عطايا إلهية وليسوا عبئا! فعندما رزق الله أسرة صديقة لنا بطفل معاق بمرض متلازمة داون Down syndrome (أو المغولية) في عام 1967م، ابتهج الأهل - ونحن أيضا. فقد كان لدى طفلتهما لويسا Louisa خلل صحي في القلب، لكنها عاشت عمرها كله (29 سنة) بكامل ملئها. فقد كانت تشع بالفرح والحيوية أينما ذهبت، وكانت تؤثر في نفوس الناس المتكلفين والمتحذرين بطبعها الصريح وضحكتها التي تنتشر كالبرق إلى جميع الذين من حولها. وقالت لأصدقائها وأسرتها حتى عندما كانت تحتضر، «أنا أفكر بالحياة».

لقد صار الأطفال من أمثالها غير مرغوب فيهم اليوم. والحق يقال هو أن مسؤولية تربية طفل معاق قد تبدو أكبر من طاقة أية أسرة لتتحملها لوحدها، وسوف يحتاج حتى أقوى الآباء إلى دعم في بعض الأحيان، وينبغي عليهم أن لا يشعروا بالذنب عندما يطلبون أو يستلمون مساعدة من الآخرين. وبقية الناس منا من الذين ليس لديهم طفل كهذا ولا يواجهون مشقة التعامل معه ومع تربيته يجب علينا أن نقدم لهم دعما عمليا متى ما استطعنا، وذلك عن طريق فتح بيوتنا للطفل لقضاء أمسية وليلة عندنا أو لقضاء عطلة نهاية الأسبوع لكي نعطي الوالدين فرصة ليرتاحوا ويستجمعوا قواهم ثانية.

ونظرا إلى الحاجات الخاصة لهؤلاء الأطفال، فمن السهل أن نرى لماذا يجري على الأغلب معاملتهم بصورة مختلفة عن الآخرين. فكثيرا ما يقبل الوالدان بكل نزوة يطلبونها ويمشون على هوى الأطفال، وبالتالي يخرّبونهم. غير أن تدليع مثل هؤلاء الأطفال هو مضرة كبيرة لهم، لأنه سوف يحدِّد مستقبلهم كله - الذي يتضمن نموهم البدني والعقلي، واستقلاليتهم النفسية (أي التحلي بشخصية مستقلة سليمة غير مكبّلة بالعواطف البشرية).

يحتاج جميع الأطفال إلى دفء لمسات الحنان والمحبة، وربما يحتاج الأطفال المعاقين حتى إلى أكثر من ذلك بالمقارنة مع غيرهم. لكن يجب أن لا نعاملهم كالأطفال الرضع وذلك بأن نحضنهم ونقبّلهم ونغمرهم بالهدايا طوال الوقت. بل يجب علينا أن نحثّهم ونشجعهم على استخدام طاقاتهم إلى أقصى حدّ، ونعاملهم معاملة عادية على قدر الإمكان. ولا نريد القول من هذا أننا يجب أن ندفعهم لمجرد تمثيل أنهم يؤدون شيئا ما، ولا أن نحمّلهم بمسؤوليات أكبر من طاقتهم. ومع ذلك نرى أن التوقعات الحازمة من جانب أولياء الأمور تؤدي إلى أمور مذهلة حقا. وبكوني قسيسا، فقد رأيت في مرات عديدة كيف يمكن للنهج التربوي المتفائل أن يساعد الأطفال المقعدين على القدرة على التنقل والاستقلالية والاعتداد بالنفس. وما أسهل علينا أن نتساءل لماذا يولد شخص معاق عقليا أو بدنيا والذي بعده يولد في تمام الصحة. لكننا يجب علينا أن نثق بأن كل ما يحدث في الحياة لديه مغزى سواء كان سهلا أو صعبا. فيجب علينا أن نؤمن بأن الله تعالى قادر على أن يحوّل أي عذاب أو بلاء إلى بركة لو قبلنا بتواضع كل ما يرسله إلينا. ونحن نعلم بأن السيد المسيح يأتينا بهيئة شخص غريب أو شحاذ أو ملاك، كما قال هو في الإنجيل.  لكن لماذا نستبعد أن يأتينا أيضا بهيئة طفل معاق؟

 

هذه المقالة مقتطفة من كتاب «لماذا يهمنا الأطفال»

special_child_listing
مساهمة من JohannChristophArnold يوهان كريستوف آرنولد

هناك الكثير من المقالات والكتب الإلكترونية المجانية بقلم يوهان كريستوف آرنولد عن الزواج المسيحي واِتِّباع المسيح والصلاة والبحث عن السلام.

اِقرأ المزيد
3 تعليقات